‫الرئيسية‬ اقتصاد أزمة الدواء في السودان.. شح الميزانيات ومعاناة المواطنين
اقتصاد - تقارير - 27 أكتوبر 2020, 16:46

أزمة الدواء في السودان.. شح الميزانيات ومعاناة المواطنين

الخرطوم – ندى رمضان
أرفف الصيدليات بالعاصمة السودانية الخرطوم كادت تخلو من الأدوية بسبب الأزمة التي تعانيها البلاد في توفير الدواء، حيث لا تتوفر إلا بعض الأصناف غير الأساسية كـ (الفايتمينات ومسكنات الألم ومستحضرات التجميل ومستلزمات الأطفال). وصارت العبارات الأكثر استخداماً لدى الصيدليات هذه الأيام (الدواء قاطع.. أو وغير متوفر)، وغالبية هذه الأدوية غير المتوفرة هي المنقذة للحياة، كأدوية الضغط والقلب والسكري وبخاخات الأزمة والحساسية والغدة الدرقية، وحتى المحاليل الوريدية.

ويشكو مواطنون من أن حياتهم باتت في خطر؛ بسبب تفويت العديد منهم لجرعات الأدوية المهمة والمتعلقة بالأمراض المزمنة، ولجوء بعضهم إلى الطلب من المغتربين إرسال أصناف الأدوية المعدومة مع القادمين، وقد تأثرت هذه الطريقة خلال إيقاف حركة الطيران أيام وباء كورونا.

وأرجع اقتصاديون الأزمة لتدهور الاقتصاد السوداني وارتفاع سعر صرف الدولار الأمريكي مقابل الجنيه السوداني، إضافة لاعتماد قطاع الدواء بشكل شبه كلي على الاستيراد بسبب إهمال الحكومة السابقة وتجاهلها إنشاء مصانع دواء محلية لتغطية الحاجة الفعلية للبلاد، ليصبح الاهتمام بالتصنيع المحلى للدواء واجباً ملحاً، ويستدعي تخصيص ميزانية عاجلة للنهوض به.

فيما يُرجع الصندوق القومي للإمدادات الطبية – حسب إفادة سابقة لمدير عام الصندوق؛ عفاف شاكر لـ(مداميك) – تفاقم الأزمة لعدم التزام وزارة المالية بتوفر العملات الأجنبية لاستيراد الدواء، واكتفائها بتوفير 45 مليون دولار فقط من حملة 175 مليون دولار المبلغ المحدد للدواء.

وتوقعت حدوث إشكالات تبعاً لذلك وكشفت عن مديونيات على الصندوق قدرتها (40) مليون دولار من الشركات المستوردة، فيما يعمل الصندوق على الاستدانه لسد النقص في الحاجة الفعلية للدواء، خاصة المحاليل الوريدية من الشركات الوطنية بالعملة المحلية. وأشارت عفاف إلى أن المنتج محلياً لا يغطي الحاجة لأن المصانع لا تصنع كميات كبيرة لمحدودية الماكينات وصغرها.

وأشارت عفاف إلى أنَّ الصندوق وفي إطار الاستعدادات للخريف قام بتوفير كافة المعينات. واستدركت قائلة: لكن الآن الأوضاع اختلفت والحاجة أصبحت كبيرة.

ويرى الصيدلي محمد عثمان التوم، في حديثه لـ (مداميك)، أنَّ التصنيع  المحلي هو مفتاح الحل. وأكد جودة الأدوية المصنّعة محلياً. واستدرك قائلاً: “لكنها غير مرغوبة لعدم ثقة المواطن بمنتجات بلده”. ونبه إلى ضرورة نشر التوعية والعمل على تسخير القدرات كافة لفتح المزيد من المعامل والمصانع المحلية. وطالب الدولة بالاهتمام بالقطاع وازاحة العقبات وتخصيص الميزانيات والسياسات التي من شأنها النهوض بالقطاع. ونوّه إلى وجود آلاف الخبراء والخريجين من مجال الصيدلة. وأكد أنَّه حال وُجهت الطاقات بصورة صحيحة ستعبر أزمة الدواء التي استمرت طويلاً.

وبالمقابل، حذّر التوم من ظهور منافذ خلفية عديدة مثل الأدوية الفاسدة أو منتهية الصلاحية، وكذلك عن تفشي التجارة غير المشروعة للأدوية المخدرة وغيرها في ظل ضعف الرقابة وغيابها.

وأشار في الوقت ذاته إلى المذكرة التي دفعت بها أجسام صيدلانية لرئيس الوزراء، طالبت فيها الحكومة بتوفير (55) مليون دولار شهرياً، وإنشاء محفظة دائمة من العملة الحرة، والتزام بسداد مديونية الإمدادات الطبية، وإيجاد معالجات عادلة بفروقات أسعار المواد الخام، عبر تشكيل فريق عمل متكامل من مجلس الأدوية ووزارة المالية وبنك السودان المركزي.

وأرجعت المذكرة الأزمة عدم التزام الحكومة بتوفير النقد الأجنبي للشركات. وطالبت بوضع سياسات واضحة للدواء واعتباره سلعة استراتيجية، لكن لم تجد المذكرة رداً واضحاً من رئاسة الوزراء فيما عدا وعود أضحت رهينة الأدراج.

وفي ظل تفاقم الأزمة ومعاناة البلاد من شح في المخزون الدوائي، يؤكد صيادلة أنَّ الأزمة تؤثر بشكل كبير على قطاع الدواء ومكافحة الامراض وتوجب تدخلات عاجلة من وزارة المالية والبنك المركزي وحتى مجلس الوزراء.

ماهو رأيك في هذا المقال ؟

Average rating 0 / 5. Total : 0

كن أول من يقيم هذا المقال